إِنَّ اللَّـهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِهَـٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٢٧﴾ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّـهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٢٨﴾ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٢٩﴾ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾
يضرب الله الأمثال للناس لبيان الحقائق العالية , ويضرب يصغائر الأحياء وكبائر الأشياء , وقد عاب من لا يؤمنون ضرب المثل بصغائر الأحياء كالذباب والعنكبوت , فبين الله سبحانه أنه لايعتريه ما يعترى الناس من الإستحياء , فلايمنع أن يصور لعباده ما يشاء من أمور بأى مثل مهما كان صغيرا , فيصبح أن يجعل المثل بعوضه أو ما فوقها والذين آمنوا يعلمون وجه التمثيل وأن هذا حق من الله , والذين كفروا يتلقونه بألاستنكار ويقولون :
ما الذى اراده الله بهذا المثل ؟
وأن هذا المثل يكون سببا لاضلال الذين لا يطلبون الحق ولا يريدونه , ويكون سببا لهداية المؤمنين بالحق الذين يطلبونه , فلا يضل به الا المنحرفون المتمردون .
الذين ينقضون عهد الله , وهم الذين لم يلتزموا عهد الله القوى الذى أنشأه فى نفوسهم بمقتضى الفطرة موثقا بالعقل المدرك ومؤيدا بالرساله ويقطعون ما أمر الله به أن يكون موصلا كوصل ذوى الأرحام , والتواد والتعارف والتراحم بين بنى الإنسان , ويفسدون فى الأرض بسوء المعاملات وباثارة الفتن وايقاد الحروب وافساد العمران , اولئك هم الذين يخسرون بافسادهم فطرتهم وقطعهم ما بين الناس ما يجب ان يكون من تواد وتعاطف وتراحم , ويكون مع ذلك لهم الخزى فى الدنيا والعذاب فى الآخرة
ان حالكم تثير العجب ! كيف تكفرون ولا توجد شبهة تعتمدون عليها فى كفركم ؟ ونظرة الى حالكم تأبى هذا الكفر ولا تدع لكم عذرا فيه , فقد كنتم أمواتا , فخلقكم الله ووهبكم الحياة وحسن التقويم , ثم هو الذى يعيدكم أمواتا , عند انتهاء اجلكم , ثم يبعثكم أحياء مرة أخرى للحساب والعقاب ثم اليه , لا الى غيره , تعودون فيحاسبكم ويجازيكم على أعمالكم ,
وان الله الذى نحب عبادته وإطاعته هو الذى تفضل عليكم فخلق لمنفعتكم وفائدتكم كل النعم الموجودة فى الأرض , ثم قد توجهت ارادته مع خلقه الأرض بمنافعها الى السماء فجعل منها سبع سموات منتظمات فيها ما ترون , والله محيط بكل شئ عالم به .
بين سبحانه أنه هو الذى أحيا الأنسان ومكن له الأرض , ثم بين بعد ذلك أ صل تكوين الإنسان وما أودع فيه من علم الأشياء وذكره به , فاذكر يا محمد نعمة أخرى من ربك على الإنسان , وهى إنه قال للملائكة :
انى جاعل فى الأرض من أمكنه منها وأجعله صاحب سلطان فيها وهو آم وذريته , استخلفهم الله فى عمارة الأرض من يفسد فيها بالمعاصى ومن يفسك الدماء بالعدوان والقتل لما فى طبيعته من شهوات . بينما نحن ننزهك عما لا يليق بعظمتك , ونطهر ذكرك ونمجدك , فأجابهم ربهم :
انى أعلم مالم تعلموا من المصلحة فى ذلك .
==============
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
" ساقى القوم آخرهم شربا "
رواه الترمذى
a
&
m